في عام 1792 أصدرت أمريكا قانون صك العملات الذي أنشأ الدولار الأمريكي وكان الدولار الأسباني الفضي يُتداول بكثرة آنذاك وقد اعتمد الدولار ربطه بالذهب والفضة إلى حين إلغاء الربط رسمياً عام 1973 حين أُلغيت إتفاقية بريتون وودز. لعب الدولار الأمريكي دوراً مهماً لفرض الهيمنة الأمريكية العالمية بجانب البترودولار (تداول النفط عالمياً بالدولار) حيث تغلغل داخل اقتصادات الدول كوسيط عالمي للتبادل التجاري والتعاملات بين الدول. لم تتمكن بعض الدول ذات الأوضاع الاقتصادية المتردية من إيجاد بديل لعملاتها المحلية المتضخمة جداً غير الدولار الأمريكي مما أدى لخلق مصطلح (الدوْلَرة) أو (Dollarization) وهو استخدام الدولار كعملة رسمية لدول غير أمريكا وهذا ساهم بإزدياد النفوذ الأمريكي أكثر مع زيادة تداول الدولار. بسبب ما ذكر أعلاه، إن أمريكا تتمتع بقدرة فريدة ومرونة على طباعة الدولار كلما احتاجت للسيولة برغم كثرة ديونها الخارجية ورغم عجزها التجاري وضعف انتاجيتها مقارنة بالماضي وهي تعلم ذلك جيداً، لماذا؟ لأن الدولار يتم التعامل به ويحتفظ به كمخزون واحتياطي لكافة دول العالم.
السؤال هو ماذا لو تغير ذلك؟ضاقوا الصين و روسيا من العجرفة الأمريكية مؤخراً فبدؤوا بتحرك بالغ الخطورة على مستقبل الاقتصاد الأمريكي وهو تقليل التعامل بالدولار بينهم فكانت النسبة عام 2015 90% وقلت إلى أقل من 50% بالسنة الماضية.
الصين تتمنى التخلص من الدولار كلياً ولكن في نفس الوقت فإنها لا ترغب بالانتحار اقتصادياً لأن أي ضعف أو انهيار للدولار سيؤثر على حركة التجارة العالمية وسيبدأ تأثير الدومينو جارفاً كافة الدول، ما الحل؟ تعمل الصين على سحب البساط ببطئ وهدوء من الدولار على مدار سنوات بدون خلق صدمة. من جانب آخر، في آخر سنتين عمل البنك الفيدرالي الأمريكي على طباعة حوالي 7 ترليون دولار كحزم دعم ومحفزات اقتصادية، ما يعادل حوالي 40% من كل الدولار الموجود حالياً، ماذا كان أثر ذلك؟ ذكر آخر توقع من البيت الأبيض أن معدل التضخم قد يصل إلى 4.8% خلال الربع الأخير من السنة عن توقع 2%. من المخيف، لو نفكر قليلاً، بأن المال الورقي الذي في جيوبنا وحسابنا البنكي يخسر قيمته يوماً بعد يوم لأي سبب من الأسباب سواء رعونة الدول أو فشلها الاقتصادي أو صراعات سياسية والكثير من الأمور التي لن يسعفني الوقت لذكرها.
بغض النظر عن أي عملة ورقية هي المتحكمة في الاقتصاد العالمي فإن النتيجة واحدة وهي تسييسها وجعلها وسيلة كبيرة للضغط، إن البيتكوين لا يخضع لأي مما سبق ولا يرتبط بإخفاقات أي دولة، بسبب عدم مركزيته وتحديه للزمن بالعشر سنوات الفائتة شاهد على ذلك.
في الختام، هدفي من كتابة هذا النوع من المواضيع الدسمة هو لتبسيطها وجعلها متاحة للكل ولأنها حساسة وبالغة الأهمية وتتعلق بمستقبلنا حتى كأفراد، من المؤسف أنه لم يتم تعليمنا في المدارس على المال بشكل عام وطريقة عمله وأثره علينا. شكراً للمرور والقراءة. 💐💐
المصدر: اضغط هنا